استعادة الحرية في الحركة : أحدث طرق علاج تصلب الكتف Frozen Shoulder
مقالات صحية
إن ألم الكتف وتيبسه قد يقيّد بشكل كبير أبسط الأنشطة اليومية؛ فمجرد محاولة الوصول إلى كوب على الرف أو ارتداء قميص قد يسبب ألماً حاداً ويؤدي إلى تقييد مفاجئ في الحركة. يُعرف هذا المرض طبياً باسم تصلب الكتف أو التهاب المحفظة اللاصق (Adhesive Capsulitis)، وهو حالة تتميز بفقدان تدريجي في نطاق حركة مفصل الكتف (المفصل الكتفي العضدي). ورغم أن السبب الدقيق لتصلب الكتف ما يزال غير واضح، إلا أن فهم طبيعة هذه الحالة وطرق علاجها يفتح أمام المريض فرصة لاستعادة وظيفة الكتف والعودة إلى ممارسة أنشطة الحياة اليومية بسهولة ويسر.
أهمية المفصل الكتفي العضدي (Glenohumeral Joint)
المفصل الكتفي العضدي هو مفصل كروي حقّي يربط عظم العضد (Humerus) بعظم الكتف (Scapula). ويتكوّن من مجموعة من الأربطة التي تعمل على تثبيت المفصل وتسهيل حركته. هذا المفصل يمنح الذراع نطاقاً واسعاً من الحركات، تشمل: الانثناء، والتمدد، والاختطاف، والتقريب، والدوران الداخلي والخارجي، وحتى الحركة الدائرية الكاملة (Circumduction)، مما يجعله من أكثر المفاصل مرونة وتنوعاً في الجسم، ويمكّنه من أداء أنشطة يومية ورياضية متعددة.
أعراض تصلب الكتف (Frozen Shoulder)
المرحلة الأولى: مرحلة التجمّد (Freezing Stage) يبدأ مدى حركة الكتف بالتناقص تدريجياً نتيجة الالتهاب الشديد الذي يؤدي إلى محدودية الحركة. وغالباً ما يزداد الألم في منتصف الليل أثناء النوم. تدوم هذه المرحلة عادةً ما بين شهرين إلى تسعة أشهر.
المرحلة الثانية: مرحلة التصلب (Frozen Stage) قد يخف الألم قليلاً، إلا أن التيبّس يزداد وضوحاً. تستمر هذه المرحلة لمدة 4 إلى 12 شهراً، أي لفترة أطول من المرحلة السابقة. في هذه الفترة، قد تتأثر الأنشطة اليومية بشكل كبير، ويصبح القيام بحركات بسيطة مثل رفع الذراعين لارتداء القميص، الوصول إلى الأشياء على الرفوف العالية، أو حتى تمشيط الشعر أمراً بالغ الصعوبة.
المرحلة الثالثة: مرحلة الذوبان أو الانفراج (Thawing Stage) تتحسن الحالة تدريجياً في هذه المرحلة، والتي قد تستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات حتى تكتمل. يبدأ المريض باستعادة بعض الحركات، مع الشعور بانخفاض في الشدّ العضلي بالكتف، والقدرة على إنجاز مهام كانت في السابق شبه مستحيلة.
أسباب تصلب الكتف
ينشأ تصلب الكتف عندما تحدث تغيّرات في المحفظة المحيطة بمفصل الكتف، فتزداد سُمكاً وتصبح أكثر تيبّساً، مما يقيّد نطاق الحركة بشكل ملحوظ. ورغم أن السبب الدقيق ما يزال غير معروف، إلا أن هناك عوامل قد تساهم في حدوثه، أبرزها:
التهاب محفظة الكتف.
تثبيت الكتف أو قلة الحركة بعد الخضوع لعملية جراحية أو التعرّض لكسر نتيجة إصابة.
بعض الحالات الطبية مثل داء السكري، والتي ترتبط بزيادة احتمالية الإصابة بتصلب الكتف.
عوامل الخطر للإصابة بتصلب الكتف
إن معرفة عوامل الخطر تساعدك على الوقاية وتجنب المعاناة من الألم المزمن لفترات طويلة. ومن أبرز هذه العوامل:
النساء بين سن الأربعين والستين: تُعد هذه الفئة الأكثر عرضة للإصابة بتصلب الكتف.
تقييد حركة الكتف لفترة طويلة: كما في حالات كسر الذراع أو إصابات الأوتار العضلية (Rotator Cuff) وغيرها.
الأعمال التي تتطلب رفع الأوزان الثقيلة بشكل متكرر ولسنوات طويلة، حيث تضع عبئاً إضافياً على مفصل الكتف.
بعض الحالات الطبية المزمنة، مثل: داء السكري، قصور أو فرط نشاط الغدة الدرقية، أمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض باركنسون، والتي ترتبط بزيادة احتمالية الإصابة بتصلب الكتف.
كيف يتم تشخيص تصلب الكتف؟
يقوم الطبيب بطلب تحريك الكتف في اتجاهات مختلفة لتقييم نطاق الحركة. وعادةً ما يظهر لدى المصابين بتصلب الكتف محدودية واضحة في الحركة. ورغم أن التصوير المتقدم ليس ضرورياً غالباً لتشخيص تصلب الكتف، إلا أن الطبيب قد يوصي بإجراء الأشعة السينية (X-ray)أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لاستبعاد الأسباب الأخرى المحتملة للألم مثل التهاب المفاصل أو تمزق أوتار الكتف.
طرق علاج تصلب الكتف
العلاج غير الجراحي
الأدوية: قد يصف الطبيب أدوية مضادة للالتهاب غير ستيرويدية (NSAIDs) للمساعدة في تخفيف الألم والالتهاب.
حقن الكورتيكوستيرويد: يتم حقن مادة الكورتيكوستيرويد مباشرة داخل مفصل الكتف لتقليل الالتهاب وتخفيف الألم بشكل ملحوظ.
العلاج الطبيعي: يساعد برنامج علاج طبيعي مخصص على استعادة الحركة وتحسين مرونتها بشكل تدريجي وآمن.
العلاج الجراحي وإجراءات أخرى
تمديدالمفصل (Joint Distension / Hydrodilatation): حيث يقوم الطبيب بحقن سائل معقم داخل المفصل المتصلب، مما يساعد على شد المحفظة وتمزيق الأنسجة المتليفة.
المعالجةتحتالتخدير (Manipulation Under Anesthesia – MUA): يتم خلالها تحريك المفصل المتصلب بكامل نطاق حركته بينما يكون المريض تحت التخدير، وذلك لتفكيك الالتصاقات والأنسجة الليفية التي تحد من الحركة. هذه الطريقة قد تحقق تحسناً كبيراً في مرونة المفصل وتقلل الألم وتعزز القدرة على أداء الأنشطة اليومية.
الجراحة (Arthroscopy): في حال تفاقم الأعراض، قد يكون التدخل الجراحي الخيار الأنسب. ويُعد تنظير المفصل (Arthroscopy) تقنية جراحية طفيفة التوغل، يتم خلالها إدخال أداة دقيقة (المنظار) عبر شق صغير لرؤية مكونات المفصل بوضوح. يقوم الجراح بقطع الأنسجة المشدودة وإزالة التليفات، مما يتيح للمريض استعادة نطاق أوسع من الحركة.
استعادة الحركة والعودة للحياة الطبيعية
يُعد تصلب الكتف (التهاب المحفظة اللاصق) حالة قد تعيق المريض عن ممارسة أنشطته اليومية، إلا أن التشخيص الدقيق والعلاج المناسب يساعدان بشكل فعّال على استعادة الحركة الطبيعية والعودة إلى نمط الحياة المعتاد. وإذا راودك الشك بأنك مصاب بتصلب الكتف، ننصحك باستشارة طبيب متخصص في جراحات مفصل الكتف لمناقشة أفضل خطة علاج تناسبك. تذكر أن التعافي من تصلب الكتف يستغرق وقتاً، لذا تحلَّ بالصبر وواصل برنامجك العلاجي بخطوات ثابتة. ومع الالتزام والإرشاد الطبي السليم، يمكنك التغلب على تصلب الكتف واستعادة التحكم الكامل في وظيفة كتفك.
للمزيد من المعلومات ولحجز المواعيد، نرجو الاتصال بنا من خلال فريقنا في الخدمات العربيّة
We use cookies to manage your personal information in order to provide you with the best personalized user experience on our website. If you continue using the website, we assume that you accept all cookies on the website. Find out more.