نظرة عامة

الداء النشواني (Amyloidosis) هو حالة نادرة تتميّز بتراكم بروتين يُسمّى الأميلويد في الأعضاء، مما قد يعيق أداءها لوظائفها الطبيعية. قد يكون هذا المرض جهازياً (يؤثر على عدة أعضاء في الجسم) أو موضعياً يقتصر على منطقة محددة.
ومن الأعضاء التي تتأثر عادةً بالداء النشواني:  القلب، الكلى، الكبد، الطحال، الجهاز العصبي، والجهاز الهضمي.
ويُصنّف الداء النشواني بناءً على نوع بروتين الأميلويد المتراكم في الجسم.

في بعض الأحيان، يحدث الداء النشواني بالتزامن مع أمراض أخرى، ويمكن أن يساعد علاج المرض الأساسي في تحسين أعراض الداء النشواني. ومع ذلك، في الحالات الشديدة، قد يؤدي المرض إلى فشل في الأعضاء، وهو ما قد يشكّل خطرًا على الحياة.

تشمل خيارات علاج الداء النشواني عادةً استخدام أدوية كيميائية قوية التي تُستعمل أيضًا في علاج السرطان، إلى جانب أدوية خاصة تقلل من إنتاج بروتين الأميلويد، وتساعد في السيطرة على الأعراض. وفي بعض الحالات، قد يُوصى بإجراء زرع عضو أو زرع خلايا جذعية لعلاج الأضرار التي تسببها الحالة.

الأعراض

قد لا تظهر أعراض الداء النشواني إلا بعد أن يتقدّم المرض إلى مرحلة متقدمة، وتختلف الأعراض باختلاف العضو أو الأعضاء المصابة.

من العلامات والأعراض الشائعة للداء النشواني:

  • تعب شديد وضعف عام.
  • ضيق في التنفس.
  • خدر ووخز في اليدين والقدمين.
  • ألم في اليدين أو القدمين.
  • تورم في الكاحلين والساقين.
  • إمساك أو إسهال قد يكون مصحوبًا بدم.
  • تضخم اللسان، وقد تظهر عليه تموجات على الحواف.
  • بقع أرجوانية حول العينين، مع زيادة سماكة الجلد أو سهولة تكدمه.
  • فقدان الوزن بشكل مفاجئ وغير مبرر.

إذا ظهرت على المريض أي من هذه الأعراض المرتبطة بالداء النشواني بشكل مستمر، فيجب عليه مراجعة الطبيب لتقييم الحالة وتشخيصها بدقة.

الأسباب 

يحدث الداء النشواني عندما تتغيّر بنية بعض البروتينات في الجسم، مما يؤدي إلى تكوّن تجمعات من بروتينات مشوّهة الشكل تترسب في أعضاء وأنسجة معينة. هناك عدة أنواع من الداء النشواني — فبعض الأنواع تُورَّث داخل العائلات، بينما تنجم أنواع أخرى عن عوامل خارجية مثل: غسيل الكلى المزمن أو الأمراض الالتهابية. وبعض الأنواع تؤثر على عدة أعضاء في الجسم، في حين أن أنواعًا أخرى تقتصر على عضو واحد أو منطقة محددة.

أحيانًا يظهر الداء النشواني كنتيجة لمرض أساسي آخر يرتبط بنوع معين من الداء النشواني. على سبيل المثال، ما يقارب 12 % إلى 15% من المصابين بالنوع AL  من الداء النشواني يعانون أيضًا من المايلوما المتعددة  (Multiple Myeloma)، وهي حالة دموية تنشأ عندما تتكاثر خلايا البلازما غير الطبيعية بشكل غير منضبط في نخاع العظم.

الأنواع الأكثر شيوعًا من الداء النشواني:

  1.  الداء النشواني من نوع AL ( الداء النشواني بسلسلة خفيفة من الغلوبولين المناعي)
    يحدث هذا النوع نتيجة اضطراب في خلايا البلازما، وهي خلايا أساسية في الجهاز المناعي مسؤولة عن إنتاج الأجسام المضادة (الغلوبولينات المناعية)، التي تتكوّن من سلاسل بروتينية ثقيلة وخفيفة لمحاربة العدوى. في هذا النوع، تنتج خلايا البلازما كميات زائدة من السلاسل الخفيفة غير الطبيعية، التي تتكدّس وتتشوّه لتكوّن ألياف الأميلويد التي تترسّب في أعضاء متعددة. يؤثر هذا النوع غالبًا على القلب (الذي يُعرف عندها بالداء النشواني القلبي) والكلى، كما يمكن أن يصيب المعدة، الأمعاء الغليظة، الكبد، الأعصاب، والجلد.
  2. الداء النشواني من نوع AA
    ينتج هذا النوع عن ارتفاع مفرط في بروتين المصل A في الجسم، والذي يتراكم نتيجة التهابات مزمنة وطويلة الأمد.
    تشمل الأمراض التي يمكن أن تُسبّب هذا النوع: التهاب المفاصل الروماتويدي، أمراض الأمعاء الالتهابية، والعدوى المزمنة. عادةً ما يؤثر النوع AA على الكلى، الكبد، المعدة، والأمعاء، وفي حالات نادرة قد يصيب القلب أيضًا.
  3. الداء النشواني الناتج عن بروتين الترانسثيريتين (ATTR)
    يُنتج بروتين الترانسثيريتين (TTR) في الكبد، وهو مسؤول عن نقل هرمون الغدة الدرقية وفيتامين A في الدم.
    يحدث هذا النوع عندما يُنتج الكبد بروتينات ترانسثيريتين غير طبيعية، فتتفتت وتتحول إلى ألياف أميلويد تترسّب في القلب و/أو الأعصاب. هذا النوع غالبًا وراثي، ويُعرف باسم الداء النشواني الوراثي المرتبط ببروتين  ATTR.
  4.  الداء النشواني من النوع البري (Wild-type amyloidosis)
    يُعرف هذا النوع أيضًا باسم الداء النشواني الجهازي الشيخي، ويحدث عندما يُنتج الكبد بروتين TTR طبيعيًا، لكن لسبب غير معروف يتحول إلى بروتين نشواني. يُصيب هذا النوع عادةً الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 70 عامًا، ويؤثر بشكل رئيسي على القلب .كما قد يؤدي إلى متلازمة النفق الرسغي. (Carpal Tunnel Syndrome)
  5. الداء النشواني الموضعي (Localized Amyloidosis)
    يُصيب هذا النوع منطقة محددة فقط من الجسم مثل: المثانة، الجلد، الحلق، أو الرئتين. عادةً ما يكون توقع سير المرض أفضل من الأنواع التي تؤثر على عدة أعضاء. ومن المهم تشخيص هذا النوع بدقة لتجنب استخدام علاجات جهازية قوية غير ضرورية.

عوامل الخطر

تزيد العوامل التالية من خطر الإصابة بالداء النشواني (Amyloidosis):

  • العمر:  يتم تشخيص معظم حالات الداء النشواني لدى المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 60  و70 عامًا.
  • الجنس:  تؤثر الحالة على الرجال أكثر من النساء.
  • التاريخ العائلي:  بعض أنواع الداء النشواني موروثة.
  • العرق:  يبدو أن الأمريكيين من الأصول الإفريقية هم أكثر عرضة من غيرهم لامتلاك طفرة جينية مرتبطة بنوع الداء النشواني الذي يضر بالقلب.
  • الأمراض الأخرى:  يزداد خطر الإصابة بالداء النشواني من النوع AA عند وجود مرض التهابي أو عدوى مزمنة.
  • غسيل الكلى : لا يمكن عادةً إزالة البروتينات الكبيرة من الدم أثناء الغسيل الكلوي، مما يؤدي إلى تراكم البروتينات غير الطبيعية في الدم وترسبها في الأنسجة. ومع ذلك، فإن هذا المتلازمة أصبحت أقل شيوعًا بفضل الطرق الحديثة في الغسيل الكلوي.

التشخيص

يمكن تجنّب حدوث تلف إضافي في الأعضاء عند تشخيص الداء النشواني مبكرًا. نظرًا لاختلاف طرق العلاج بحسب نوع المرض لدى كل مريض، فإن الدقة في التشخيص أمر بالغ الأهمية. وغالبًا ما يتم تجاهل الداء النشواني لأن أعراضه وعلاماته تشبه أمراضًا أكثر شيوعًا.

الفحوصات التصويرية:

قد تُظهر صور الأعضاء المصابة بالداء النشواني ما يلي:

  • تخطيط صدى القلب (Echocardiogram) : تُستخدم الموجات الصوتية لإنتاج صور متحركة تُظهر وظيفة القلب، وقد تكشف عن تلف مميز في القلب خاص ببعض أنواع الداء النشواني.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) : يتم استخدام موجات الراديو ومجالًا مغناطيسيًا قويًا لإنتاج صور دقيقة للأعضاء والأنسجة، ويمكن استخدامه لتقييم بنية القلب ووظيفته.
  • التصوير النووي (Nuclear imaging) : تُحقن كميات صغيرة من مادة مشعة في الوريد، وقد تُظهر هذه التقنية علامات مبكرة لتلف القلب الناتج عن بعض أنواع الداء النشواني، كما تساعد على تصنيف نوع المرض مما يؤثر على خطة العلاج.

التحاليل المخبرية:

يُجرى تحليل الدم والبول للكشف عن مستويات غير طبيعية من البروتينات، والتي قد تكون مؤشرًا على وجود الداء النشواني. كما قد يحتاج بعض المرضى إلى فحوص لتقييم وظائف الغدة الدرقية والكليتين.

الخزعة (Biopsy) :

يتم تشخيص الداء النشواني من خلال فحص عينة نسيجية، إذ يمكن أخذها من الدهون تحت الجلد في البطن أو من نخاع العظم.  وفي بعض الحالات، قد تكون هناك حاجة إلى خزعة من العضو المصاب مثل: الكبد أو الكلى. ثم تُفحص العينة لتحديد نوع البروتين النشواني الموجود.

العلاج

لا يوجد علاج شافٍ للداء النشواني حتى الآن، ولكن يمكن السيطرة على الأعراض وتقليل إنتاج البروتين النشواني.
إذا كان المرض ناتجًا عن حالة مرضية أخرى (مثل: التهاب المفاصل الروماتويدي أو السل)، فإن علاج السبب الأساسي قد يكون مفيدًا.

تشمل العلاجات الشائعة لأنواع الداء النشواني المختلفة ما يلي:

  • أدوية القلب: قد تُستخدم مضادات التخثّر لتقليل خطر تكوّن الجلطات إذا كان القلب متأثرًا، كما قد يحتاج المريض إلى أدوية لتنظيم ضربات القلب. كما تُستخدم أيضًا الأدوية المدرّة للبول لتقليل الضغط على الكلى والقلب.
  • العلاج الكيميائي: في الداء النشواني من نوع AL، تُستخدم بعض أدوية السرطان لمنع تكوّن الخلايا غير الطبيعية التي تنتج البروتين المكوّن للنشوان.
  • العلاجات الموجّهة  (Targeted therapies) : الأدوية مثل: باتيسيران (Onpattro) وإينوتيرسن (Tegsedi)  يمكنها أن تعيق الإشارات الصادرة عن الجينات المعيبة التي تُنتج الأميلويد في بعض أنواع الداء النشواني (الأميلويدوز). كما أن هناك أدوية أخرى، مثل تافاميديس (Vyndamax, Vyndaqel) وديفلونيزال (Diflunisal)، يمكنها أن تُثبّت شظايا البروتين المنتشرة في الدم وتمنعها من التكوّن على شكل ترسّبات أميلويدية.
  • غسيل الكلى: قد يحتاج المريض إلى البدء بالغسيل الكلوي إذا كانت الكلى قد تضررت بسبب المرض، حيث تتم إزالة الفضلات والأملاح والسوائل الزائدة من الدم عبر جهاز خاص.

الإجراءات الجراحية:

  • زرع الخلايا الجذعية الذاتية: يتم جمع خلايا جذعية من دم المريض عبر الوريد وتُحفَظ مؤقتًا أثناء تلقيه جرعة عالية من العلاج الكيميائي، ثم تُعاد هذه الخلايا إلى الجسم لاحقًا. هذا الإجراء مناسب للمرضى الذين يعانون من مرض غير متقدّم وتلف بسيط في القلب.
  • زرع الأعضاء: قد يكون من الضروري استبدال القلب أو الكليتين إذا كانتا متضررتين بشدة من الترسّبات النشوانية. كما يمكن أن يساعد زرع الكبد في منع إنتاج بعض أنواع البروتين النشواني، لأن الكبد هو المكان الذي تُصنع فيه أحيانًا هذه البروتينات.

للمزيد من المعلومات ولحجز المواعيد، نرجو الاتصال بنا من خلال فريقنا في الخدمات العربيّة

Doctors who treat this condition