

تشير الدراسات إلى أن احتمالية الإصابة بسرطان القولون والمستقيم طوال الحياة تكون متقاربة بين الرجال والنساء، حيث تبلغ حوالي 1 من كل 25 شخصًا. ومع ذلك، يمكن أن تتأثر هذه الاحتمالية بعوامل الخطر الأخرى المرتبطة بكل فرد، مما قد يؤدي إلى زيادة أو انخفاض هذه النسبة. بناءً على ذلك، يتم حاليًا تنفيذ فحوصات الكشف المبكر لسرطان القولون بهدف اكتشاف التغيرات المرضية في مراحلها المبكرة، وذلك من خلال إجراء تنظير القولون والمستقيم.
الدكتورة : تشانيوات سرانغسومونغ، جراح متخصص في القولون والمستقيم بمستشفى ويشتاني، أفادت قائلة: أن سرطان القولون يحدث نتيجة تكوّن زوائد لحمية (Polyp) على جدران القولون. وعادةً ما لا تُسبب هذه الزوائد أعراضًا في المراحل المبكرة. ومع ذلك، إذا كانت الزوائد تنمو بشكل أكبر أو تحدث تغييرات غير طبيعية فيها، فقد تؤدي إلى ظهور أعراض متنوعة، مثل: وجود دم أو مخاط دموي في البراز، أو تغير في شكل البراز ليصبح أصغر حجمًا، أو حدوث إمساك متناوب مع إسهال، والشعور بالانتفاخ أو زيادة حجم البطن، أو وجود تكتلات يمكن الشعور بها في البطن.
حتى الآن، لا يمكن تحديد السبب الدقيق لظهور الزوائد اللحمية في القولون بشكل قاطع، ولكن يمكن تقسيم عوامل الخطر المساهمة في الإصابة بالمرض إلى نوعين.
عوامل الخطر الشخصية تشمل ما يلي:
- العمر: في السابق، وُجد أن أكثر من 90% من مرضى سرطان القولون والمستقيم تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، وكان متوسط العمر عند التشخيص يتراوح بين 60 إلى 65 عامًا. ومع ذلك، خلال السنوات العشر الماضية، شهدت معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم ازديادًا مستمرًا بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا. وقد سُجلت حالات لأصغر المرضى بعمر 18 عامًا.
- التاريخ العائلي والعوامل الوراثية: حوالي 20% من المصابين بسرطان القولون لديهم أفراد من العائلة سبق أن أُصيبوا بالمرض، مما يشير إلى وجود رابط وراثي في بعض الحالات.
- وجود زوائد لحمية سابقة في القولون: تشير الدراسات إلى أن بعض أنواع الزوائد اللحمية يمكن أن تتطور لاحقًا إلى سرطان القولون. إلا أن الاكتشاف المبكر وإزالة هذه الزوائد في مراحلها الأولى يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر تطور المرض.
عوامل الخطر البيئية تشمل ما يلي:
- زيادة الوزن وقلة النشاط البدني : أظهرت الدراسات أن هناك علاقة بين زيادة الوزن وخطر الإصابة بسرطان القولون. في المقابل، تساهم ممارسة الرياضة في تعزيز عملية التمثيل الغذائي وتحفيز حركة الأمعاء، مما يؤدي على المدى الطويل إلى تقليل خطر الإصابة بالمرض.
- النظام الغذائي: تحتوي بعض أنواع الأطعمة على مواد مسرطنة، خاصة الأطعمة المُصنعة مثل: النقانق، البيكون، لحم الخنزير المحمر، لفائف اللحم، كرات اللحم، النقانق الصينية، بالإضافة إلى اللحوم الحمراء التي تُطهى على درجات حرارة عالية حتى الاحتراق، كما هو الحال في الشواء.
- التدخين : وُجد أن 12% من الوفيات الناتجة عن سرطان القولون والمستقيم، كانت لدى أشخاص لديهم عادة التدخين.
- الكحول : يُعد استهلاك الكحول، خاصةً عند اقترانه بالتدخين، عاملًا إضافيًا يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
في الوقت الحاضر، أصبح بإمكان الأطباء اكتشاف الزوائد اللحمية في القولون باستخدام تقنية تنظير القولون الحديثة، والتي تتيح الكشف المبكر عن الزوائد حتى وإن كانت صغيرة جدًا، بقطر لا يتجاوز 2 مليمتر، أي بحجم حبة الفاصوليا الخضراء. كما يُمكن استخدام هذه التقنية المتقدمة بالتزامن مع تقنية تقييم لون سطح الزائدة الدموية ونمط الأوعية الدموية باستخدام نوع خاص من الإضاءة يُعرف باسم “التنظير الرقمي المكبر بالتصوير الصبغي” (Magnified Digital Chromoendoscopy)، والتي تساعد في تحديد نوع الزائدة، وما إذا كانت قد تحولت إلى ورم سرطاني بالفعل، أو إذا كانت قد بدأت في التغلغل داخل الطبقات العميقة من جدار القولون. وبناءً على هذا التقييم، يمكن تقديم العلاج المناسب حسب طبيعة الزائدة. علاوة على ذلك، عند اكتشاف الزوائد أثناء التنظير، يستطيع الطبيب استئصالها مباشرة، مما يساهم في تقليل خطر تحولها لاحقًا إلى سرطان القولون والمستقيم.
بالإضافة إلى ذلك، تتيح تقنية الجراحة باستخدام المنظار الداخلي للقولون، والمعروفة باسم “الاستئصال تحت المخاطية باستخدام التنظير” (Endoscopic Submucosal Dissection – ESD)، إمكانية إزالة الزوائد اللحمية الكبيرة، حتى وإن كانت بعض أجزائها قد بدأت بالتحول إلى سرطان، ولكن لم تنتشر بعد إلى الأنسجة العميقة أو العقد اللمفاوية. حيث تُجرى هذه العملية من خلال منظار القولون نفسه، دون الحاجة إلى إجراء شق جراحي في البطن، مما يجنّب المريض المعاناة من جرح جراحي كبير، وفي بعض الحالات يُمكن تجنّب فتح فتحة إخراج بالبطن (فغر القولون) (colostomy) عندما لا يكون ذلك ضروريًا. ومع ذلك، يُوصى بأن يخضع المريض بعد العملية لمتابعة دورية منتظمة بواسطة تنظير القولون، وفقًا لتعليمات الطبيب، لضمان الكشف المبكر عن أي تغييرات محتملة في المستقبل.
التحضير قبل تنظير الجهاز الهضمي السفلي (تنظير القولون):
- تنظيف الأمعاء الغليظة : يجب تنظيف الأمعاء جيدًا قبل موعد التنظير حتى يتمكن الطبيب من رؤية بطانة القولون بوضوح. ويتم ذلك عن طريق تناول سوائل خاصة تُحفز حركة الأمعاء وتُسهل الإخراج، أو من خلال استخدام حقنة شرجية لتنظيف القولون.
- الامتناع عن بعض الأدوية : يجب التوقف عن تناول بعض أنواع الأدوية قبل الفحص حسب تعليمات الطبيب.
- النظام الغذائي قبل الفحص : قبل الموعد بيومين، يُفضل تناول الأطعمة السائلة التي لا تحتوي على ألياف، مثل الشوربة الصافية، الأطعمة الخفيفة أو العصيدة، بالإضافة إلى العصائر الشفافة.
- الراحة بعد الفحص: بعد انتهاء التنظير، يُنصح المريض بالاستلقاء والراحة لمدة ساعة قبل الذهاب إلى المنزل لمراقبة حالته، إذ قد يشعر بالانتفاخ أو الانزعاج بالبطن نتيجة وجود بعض الهواء داخل الأمعاء. عادة ما تختفي هذه الأعراض تدريجيًا. ولا يُنصح بأن يقود المريض السيارة بنفسه بعد الإجراء، ومن الأفضل أن يرافقه أحد أفراد العائلة ليقوم بإعادته إلى المنزل.
ومع ذلك، يُعدّ تنظير القولون للكشف عن الزوائد اللحمية خطوة وقائية تشبه إجراء الفحص الدوري للجسم، دون الحاجة إلى انتظار ظهور أعراض أو مشكلات صحية. ويُنصح الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، أو من لديهم تاريخ عائلي للإصابة بسرطان القولون، بإجراء فحص تنظير الجهاز الهضمي بشكل منتظم. كما يُفضل أن يتم الفحص على يد طبيب مختص لديه خبرة في استخدام تقنيات التنظير الحديثة، وذلك لضمان دقة التشخيص وكفاءة التقييم. وفي الوقت ذاته، من المهم تقليل السلوكيات والعادات التي قد تزيد من خطر الإصابة بمشكلات في القولون، مثل: تناول الأطعمة المشوية إلى حد الحرق، أو الأطعمة المجمدة، أو الأطعمة المصنعة، مثل: اللحوم الحمراء والنقانق.
للمزيد من المعلومات ولحجز المواعيد، نرجو الاتصال بنا من خلال فريقنا في الخدمات العربيّة
- Readers Rating
- Rated 4.5 stars
4.5 / 5 (Reviewers) - Outstanding
- Your Rating