مقالات صحية

تقنيات العلاج المتطورة للوهن العضلي الوبيل: نحو حياة أفضل

Share:

الوهن العضلي الوبيل Myasthenia gravis

نظرة عامة

من إحدى أمراض المناعة الذاتية هي تلك التي تسمى بالوهن العضلي الوبيل (MG) ، والتي تسبب في إضعاف العضلات الخاضعة للتحكم الإرادي، وتعبها بسرعة. وذلك بسبب انقطاع الاتصال المنتظم بين الأعصاب والعضلات (الموصل العصبي العضلي).

يمكن تقسيم الوهن العضلي الوبيل إلى نوعين رئيسيين:

النوع الأول: خاص بعضلة العين: وفي هذا النوع تضعف العضلات المسؤولة عن حركة العين والتحكم في الجفن. حيث قد تشمل الأعراض ما يلي: تدلي الجفن، وصعوبة إبقاء العينين مفتوحتين، والرؤية المزدوجة، ضعف العين. وغالبا ما يكون هذا هو المؤشر الأولي للوهن العضلي الوبيل. والجدير بالذكر، إلى أن حوالي نصف الأشخاص الذين يعانون من الوهن العضلي الشديد في العين، يتطور المرض لديهم في النهاية إلى النوع الثاني من المرض وهو العام، خلال عامين من ظهور الأعراض الأولى.

النوع الثاني: عام في جميع عضلات الجسم: في هذا النوع، يمتد ضعف العضلات إلى ما هو أبعد من العينين، والذي يؤثر على الأجزاء الأخرى المختلفة من الجسم، مثل: الوجه، والرقبة، والذراعين، والساقين، والحلق. حيث قد يواجه الأشخاص المصابون بالوهن العضلي العام صعوبات في التحدث، والبلع، ورفع أذرعهم، والنهوض من وضعية الجلوس، والمشي لمسافات طويلة، وصعود السلالم.

على الرغم من عدم وجود علاج شاف حاليًا للوهن العضلي الوبيل، إلاّ أن العلاجات المختلفة تساعد على تخفيف الأعراض.

الأعراض :

يظهر الوهن العضلي الوبيل (MG) عادة مع بداية مفاجئة للأعراض الأولية. حيث يؤدي الاضطراب العصبي العضلي إلى ضعف العضلات أثناء فترات النشاط، ويتحسن عند أخذ الراحة. ومع ذلك، مع مرور الوقت، تتفاقم أعراض الوهن العضلي بشكل عام، وغالبًا ما تصل إلى ذروتها في غضون سنوات قليلة بعد ظهور المرض. كما أن الوهن العضلي الوبيل يمكن أن يؤثر على أي عضلة يتم التحكم فيها بشكل إرادي، فمن الشائع أن يصيب هذا المرض مجموعة عضلات معينة أكثر من غيرها.

عضلات الوجه والحنجرة

هناك حوالي 15% من الأشخاص المصابين بالوهن العضلي الوبيل، تظهر الأعراض الأولية لديهم في عضلات الوجه والحنجرة، والتي تؤدي إلى التأثيرات المختلفة. حيث يمكن أن تشمل هذه المشاكل ضعف الكلام، إذ قد يكون الكلام ضعيفاً أو أنفياً اعتمادًا على العضلات المصابة. بالإضافة إلى صعوبات في البلع كصعوبة بلع الطعام أو الشراب أو أقراص الدواء مما يؤدي إلى سهولة الاختناق، مع احتمالية التسرب عبر الأنف. كما يمكن أيضًا أن يتأثر المضغ مع تأثر حالات الكلام، حيث تتعب العضلات المعنية بالمضغ أثناء تناول الوجبة، خاصة عند تناول الأطعمة القاسية مثل شرائح اللحم. بالإضافة إلى ذلك، حدوث تغيُّر لتعابير الوجه. مثل، أن تظهر الإبتسامة العادية كأنها إبتسامة غاضبة.

عضلات الرقبة والأطراف:

يمكن أن يؤدي الوهن العضلي الوبيل إلى ضعف عضلات الرقبة والذراع والساق، والتي تؤثر على الحركة والوضعيات المختلفة للجسم. كما يمكن أيضاً أن يؤثر الضعف في الساقين على قدرة الشخص على المشي، وكذلك أيضاً ضعف عضلات الرقبة الذي يجعل من الصعب الحفاظ على ثبات الرأس.

عضلات العين:

غالبا ما تظهر الأعراض الأولية للوهن العضلي الوبيل المتعلقة بالعيون في أكثر من 50٪ من الأشخاص المصابين بالمرض. حيث تشمل هذه الأعراض عادةً: تدلي أحد الجفنين أو كليهما، وهو ما يُعرف باسم تدلي الجفون. بالإضافة إلى الرؤية المزدوجة، إذ قد تظهر الرؤية المزدوجة أفقيًا أو رأسيًا، والتي عادةً ما تتحسن أو تختفي عند إغلاق إحدى العينين.

إذا واجهت أي صعوبات في التنفس أو الرؤية أو البلع أو المضغ أو المشي أو استخدام ذراعيك أو يديك أو رفع رأسك، فمن الضروري جدا استشارة الطبيب على الفور. حيث يمكن أن تشير هذه الأعراض إلى مشاكل صحية أساسية تتطلب إلى عناية طبية فورية.

الأسباب :

الوهن العضلي الوبيل هو حالة من أمراض المناعة الذاتية. حيث يقوم الجهاز المناعي للجسم بمهاجمة نفسه لأسباب غير معروفة.

  • الأجسام المضادة: الوهن العضلي الوبيل هو حالة ينتج فيها الجهاز المناعي أجسامًا مضادة تتداخل مع الأداء الطبيعي للموصل العصبي العضلي. إذ يعتمد هذا الوصل على إطلاق الأسيتيل كولين، وهو ناقل عصبي يرتبط بمواقع المستقبلات على خلايا العضلية. ومع ذلك، تقوم الأجسام المضادة في الوهن العضلي الوبيل بحظر أو تدمير العديد من مواقع المستقبلات هذه، مما يقلل من عدد الإشارات المنقولة من الأعصاب إلى العضلات. ونتيجة لذلك، يحدث الضعف للعضلات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأجسام المضادة أن تستهدف البروتينات مثل: مستقبلات التيروزين كيناز  (MuSK) الخاصة بالعضلات  حيث يساعد هذا البروتين على تشكيل نقطة اتصال الأعصاب بالعضلات ، كما قد تؤدي الأجسام المضادة لبروتين آخر يُدعى بروتين 4 المتعلق بالبروتين الدهني ‏(LRP4)  دورًا في هذه الحالة. ومن المرجح أن عدد الأجسام المضادة المشاركة في ذلك يزيد مع الوقت. إذ يمكن أن تساهم هذه الأجسام المضادة في تطور الوهن  العضلي الوبيل. ومع ذلك، فإن بعض الأشخاص الذين يعانون من الوهن العضلي الوبيل ليس لديهم أجسام مضادة يمكن اكتشافها ضد الأسيتيل كولين أو MuSK أو LRP4. يُعرف هذا النوع من الوهن العضلي الوبيل باسم الوهن العضلي الوبيل سلبي المصل أو سلبي الأجسام المضادة. على الرغم من أن الأجسام المضادة المحددة المشاركة في هذه الحالات لم يتم تحديدها بعد، إلا أن الباحثين يعتقدون أن الوهن العضلي الوبيل السلبي لا يزال له أساس مناعي ذاتي.
  • الغدة الزعترية: تقع الغدة الزعترية في الجزء العلوي من الصدر وأسفل عظمة الصدر، وهي جزء من الجهاز المناعي. حيث يُعتقد أن الغدة الزعترية تلعب دورًا في بدء أو الحفاظ على إنتاج الأجسام المضادة التي تمنع الأسيتيل كولين. على الرغم من أن الغدة الزعترية عادة ما تكون صغيرة عند البالغين الأصحاء، إلا أنها يمكن أن تتضخم لدى بعض الأشخاص المصابين بالوهن العضلي الوبيل. بالإضافة إلى ذلك، قد يصاب بعض المصابين بالوهن العضلي الوبيل أيضًا بأورام الغدة الزعترية. كما أن الأورام الغدة الزعترية عادة ما تكون غير سرطانية (حميدة)، إلا أن هناك احتمال أن تصبح سرطانية (خبيثة).
  • أسباب أخرى: في بعض الأحيان، قد تلد الأمهات المصابات بالوهن العضلي الوبيل أطفالًا يصابون أيضًا بالوهن العضلي الوبيل، المعروف باسم الوهن العضلي الوبيل الوليدي. ومع ذلك، عند علاج هؤلاء الأطفال على الفور، غالباً ما يتعافى هؤلاء الأطفال في غضون شهرين من ولادتهم. كما أن هناك أيضًا نوع أقل شيوعًا من الوهن العضلي الوبيل يسمى بمتلازمة الوهن العضلي الخلقي، وهو وراثي وموجود عند الولادة.

عوامل الخطر :

العوامل التالية تزيد من خطر الإصابة بالوهن العضلي الوبيل.

  • العمر: يؤثر الوهن العضلي في المقام الأول على النساء الذين تتراوح أعمارهن بين 20 و 40 عامًا، وكذلك الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و 80 عامًا. ويمثل المراهقون حوالي 10٪ من حالات الوهن العضلي. على الرغم من أن الوهن العضلي الوبيل يمكن أن يؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، إلا أنه غير شائع بين الأطفال.
  • تاريخ أمراض المناعة الذاتية الأخرى، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة.
  • الالتهابات.
  • أدوية الملاريا وعدم انتظام ضربات القلب والسرطان.
  • الإجراءات الجراحية.
  • مرض الغدة الدرقية.

التشخيص:

يتم إجراء الفحص البدني ومراجعة أعراض المريض من قبل الطبيب. حيث يمكن إجراء مجموعة متنوعة من الاختبارات، مثل:

  • الفحص العصبي: فحص ردود الفعل، وقوة العضلات، ونغمة العضلات، وحاسة اللمس والبصر، والتنسيق، والتوازن، وهي بعض العمليات العصبية التي قد يستخدمها مقدم الرعاية الصحية لتحديد الصحة العصبية.
  • اختبار التصوير: للكشف عن ورم أو أي خلل آخر في الغدة الزعترية، وقد يطلب الطبيب إجراء فحص التصوير المقطعي المحوسب (CT) أو التصوير بالرنين المغناطيسي. (MRI).
  • التخطيط الكهربي العضل (EMG) : يقوم هذا الاختبار بتقييم الإشارات الكهربائية التي تمر بين الدماغ والعضلات. إذ يتطلب الأمر إدخال قطب كهربائي رفيع من خلال الجلد إلى العضلات لفحص نشاط ألياف عضلية واحدة.
  • اختبار كيس الثلج: إن الأسلوب الشائع الذي يستخدمه الأطباء في حالات الجفن المتدلي، هو وضع كيس مملوء بالثلج على الجفن المصاب. وبعد مرور دقيقتين تقريبًا، تتم إزالة الكيس، ويقوم الطبيب بتقييم الجفن بعناية بحثًا عن أي علامات تحسن ملحوظة.
  • تحليل الدم: تظهر لدى غالبية الأشخاص المصابين بالوهن العضلي مستويات مرتفعة من الأجسام المضادة لمستقبلات الأسيتيل كولين في مجرى الدم، وهو ما يمثل حوالي 85% من الحالات. وحوالي 6% من المرضى الذين يعانون من الوهن العضلي الوبيل يمتلكون أجسامًا مضادة للكيناز الخاص بالعضلات (MuSK) . وتجدر الإشارة إلى أن الأجسام المضادة قد لا تكون قابلة للاكتشاف في أقل من 10% في الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالوهن العضلي الوبيل.
  • تحفيز العصب المتكرر: أثناء دراسة التوصيل العصبي لتشخيص الوهن العضلي الوبيل، يطبق المتخصصون الطبيون أقطابًا كهربائية على الجلد فوق العضلات المستهدفة. ومن خلال إدارة نبضات كهربائية صغيرة عبر هذه الأقطاب الكهربائية، يقومون بتقييم قدرة العصب على نقل الإشارات إلى العضلات. ومن خلال الاختبارات المتكررة، يلاحظ الأطباء ما إذا كان ناقل الإشارة العصبية يتدهور بسبب التعب، والذي يساعد في تشخيص الوهن العضلي الوبيل.
  • اختبارات وظائف الرئة: تعمل هذه الاختبارات على تقييم ما إذا كان التنفس يتأثر بالحالة المرضية.

العلاج:

تتضمن خيارات علاج الوهن العضلي الوبيل مجموعة من الأساليب التي يمكن استخدامها بشكل فردي أو مجتمعة. ويعتمد اختيار العلاج على عدة عوامل، مثل: العمر، وشدة الحالة، ومعدل تطورالمرض.

الأدوية:

  • : بيريدوستيغمين (ميستينون، ريجونال) وهو دواء يعزز التواصل بين الأعصاب والعضلات، مما يؤدي إلى تحسين تقلص العضلات وقوتها لدى بعض الأشخاص. على الرغم من أنه ليس علاجًا شافياً، إلا أنه يمكن أن يكون مفيدًا. ومع ذلك، قد تشمل الآثار الجانبية المحتملة، مثل: عدم الراحة في الجهاز الهضمي، والإسهال، والغثيان، وكذلك زيادة إفراز اللعاب والتعرق.
  • : البريدنيزون هو نوع من الكورتيكوستيرويدات الذي يعمل عن طريق تثبيط جهاز المناعة، وبالتالي تقليل إنتاج الأجسام المضادة. على الرغم من أنه يمكن أن يكون فعالا، إلا أن الاستخدام المطول للكورتيكوستيرويدات ينطوي على مخاطر آثار جانبية كبيرة. والتي تشمل ترقق العظام، وزيادة الوزن، والتطور المحتمل لمرض السكري، وزيادة التعرض لبعض أنواع العدوى.
  • : بالإضافة إلى الكورتيكوستيرويدات، قد يصف الأطباء أدوية مثل الآزويثوبرين، أو ميكوفينولات موفيتيل، أو السيكلوسبورين، أو الميثوتريكسيت، أو تاكروليموس لتعديل الجهاز المناعي. على الرغم من أن مثبطات المناعة هذه قد تتطلب عدة أشهر حتى تصبح أكثر فاعلية، إلا أنها يمكن أن يكون لها آثار جانبية كبيرة بما في ذلك زيادة القابلية للإصابة بالعدوى، بالإضافة إلى الضرر المحتمل للكبد أو الكلى   

العلاج عن طريق الوريد:

تُستخدم عادةً العلاجات التالية على المدى القصير للتخفيف من التدهور السريع للأعراض قبل الجراحة أو العلاجات الأخرى.

  • : يستخدم هذا الإجراء عملية ترشيح تشبه غسيل الكلى، حيث يتم توجيه الدم من خلال جهاز لإزالة الأجسام المضادة التي تعيق نقل الإشارات بين النهايات العصبية ومستقبلات العضلات. ومع ذلك، فإن النتائج الإيجابية عادة ما تكون مؤقتة، وتستمر لبضعة أسابيع فقط، ويمكن أن يشكل الخضوع لعلاجات متعددة تحديات في الوصول إلى الأوردة لإجراء هذا الإجراء. تحمل فصادة البلازما مخاطر، مثل: انخفاض ضغط الدم أو النزيف أو عدم انتظام ضربات القلب أو تشنجات العضلات. كما أنه قد يعاني بعض الأشخاص من ردود فعل تحسسية تجاه المحاليل المستخدمة كبدائل للبلازما.
  • (IVIG) : يتغير رد فعل الجهاز المناعي من خلال تزويد هذا العلاج للجسم بأجسام مضادة صحية. قد تستمر الفوائد ما بين ثلاثة وستة أسابيع وعادة ما تظهر في أقل من أسبوع.
  • : ريتوكسيماب وإكوليزوماب من الأدوية الوريدية المستخدمة في علاج الوهن العضلي الوبيل. وعادةً ما تكون هذه الأدوية مخصصة للأشخاص الذين لم يستجيبوا للعلاجات البديلة، وقد تؤدي إلى آثار جانبية كبيرة.

الجراحة:

قد يعاني مرضى الوهن العضلي الوبيل من ورم الغدة الزعترية في الغدة الزعترية، والذي يمكن إزالته جراحيًا من خلال إجراء يسمى استئصال الغدة الزعترية. ومع ذلك، وحتى بدون وجود ورم، لا يزال من الممكن أن يؤدي استئصال الغدة التوتية إلى تحسين أعراض الوهن العضلي الوبيل. على الرغم من أن الأمر قد يستغرق عدة سنوات لرؤية الفوائد. إذ يمكن إجراء عملية استئصال الغدة الزعترية إما كجراحة مفتوحة، حيث يتم تقسيم عظم القص للوصول إلى الغدة الصعترية وإزالتها، أو كإجراء طفيف التوغل.

تستخدم الجراحة طفيفة التوغل في إزالة الغدة الزعترية، من خلال شقوقًا صغيرة، والتي قد تتضمن التقنيات التالية:

  • : وهو أحد أشكال العلاج الجراحي الذي يقوم فيه الجراح بإحداث شق صغير في الرقبة أو بضعة شقوق على أحد جانبي الصدر. حيث يتم استخدام كاميرا طويلة ورفيعة -تُسمى منظار الفيديو الداخلي- وأيضاً أدوات صغيرة لرؤية غدة الزعترية وإزالتها.
  • : من خلال هذا النوع من الاستئصال للغدة الزعترية، يستخدم الجراحون نظامًا آليًا يحتوي على ذراع مزود بكاميرا، وأذرع ميكانيكية.

للمزيد من المعلومات ولحجز المواعيد، نرجو الاتصال بنا من خلال فريقنا في الخدمات العربيّة

  • Readers Rating
  • Rated 4.5 stars
    4.5 / 5 (2 )
  • Your Rating